ميداني

عملية داريا.. الشراكة الموسّعة بين سوريا و التحالف الدولي في مكافحة الإرهاب

37
ul

في عملية أمنية محكمة بداريا، نفّذت وحدات الأمن والاستخبارات السورية اعتقالًا لمسؤول خلية تابعة لتنظيم داعش مع ستة عناصر، في مؤشر واضح على تنسيق أمني واسع يمتد خلف خطوط الاشتباك القديمة، ويأتي في سياق انخراط دمشق المتزايد ضمن التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة وجهود متعددة لمحاربة الإرهاب بعد سنوات من الصراع والفوضى.

تفاصيل العملية

أعلن قائد الأمن الداخلي في محافظة ريف دمشق، العميد أحمد الدالاتي، عن تنفيذ عملية أمنية محكمة استهدفت وكرًا لتنظيم داعش الإرهابي في منطقة داريا، وذلك بعد تحريات ومعلومات استخبارية دقيقة ومتابعة مستمرة لتحركات عناصر التنظيم خلال الأسابيع الماضية. وأكد أن العملية أدت إلى تفكيك الخلية بالكامل وضبط متزعمها مع ستة من أفرادها، بالإضافة إلى كمية من الأسلحة والذخائر المعدة للأنشطة الإرهابية، مع الالتزام الكامل بإجراءات ضمان سلامة المدنيين.

وأشار الدالاتي إلى أن العملية تعكس مستوى التنسيق بين وحدات الأمن والاستخبارات وقدرتها على تفكيك الخلايا الإرهابية، وأنها تأتي في إطار استراتيجية مستمرة لتجفيف منابع الإرهاب ومنع أي تهديد للأمن والمجتمع وتحقيق السلم والاستقرار، ما يظهر جهداً واضحًا في إعادة تأمين المناطق الحساسة بعد سنوات من انتشار التنظيمات المتطرفة في مناطق متعددة من البلاد.

سياق العملية الأمنية

تأتي هذه العملية في وقت تتصاعد فيه مشاركة سوريا في الجهود الدولية لمكافحة تنظيم الدولة. فقد أعلنت دمشق انضمامها رسميًا إلى “التحالف الدولي لمكافحة داعش” بقيادة الولايات المتحدة في نوفمبر 2025، في خطوة تُعد تحوّلًا دبلوماسيًا وأمنيًا مهمًا بعد سنوات من عزلة البلاد على الساحة الدولية.

وجاء هذا الانضمام في أعقاب لقاءات رفيعة المستوى بين الرئيس السوري أحمد الشرع والمسؤولين الأميركيين، وتعهّد دمشق بالتعاون وتبادل المعلومات الاستخبارية حول المقاتلين الأجانب ومنع التنظيم من العثور على ملاذات آمنة داخل الأراضي السورية، في تعبير عن رغبة جديدة للحكومة في لعب دور محوري بمحاربة الإرهابيين رغم التحديات المعقدة المتعلقة بالسيادة الوطنية.

وفي إطار هذه المساعي، نفّذ التحالف الدولي مؤخرًا عملية “عين الصقر” – حملة جوية ضد مواقع تنظيم الدولة في البادية السورية، وذلك ردًا على هجوم استهدف القوات الأميركية، واستهدفت الغارات عشرات الأهداف والبنى التحتية التابعة للتنظيم في وسط وشرق سوريا، وأكد المسؤولون الأميركيون استمرار الضربات بهدف القضاء على البنى التنظيمية.


وقد أثنى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على دور الحكومة السورية، مشيرًا إلى أن دمشق تؤيد بالكامل العملية العسكرية ضد تنظيم الدولة، بينما أكدت الخارجية السورية التزامها الثابت بمكافحة التنظيم وضمان عدم وجود ملاذات آمنة له في البلاد، داعية التحالف الدولي إلى دعم جهودها في هذا الإطار.



انعكاسات وتحديات

يشير انخراط دمشق في التحالف الدولي إلى تحول إستراتيجي في سياسات مكافحة الإرهاب بعد سنوات من الصراع الداخلي وتعدد القوى الفاعلة في الساحة السورية. فبعد أن كان تنظيم الدولة يسيطر على مساحات واسعة في البلاد حتى عام 2019، عادت القوات السورية مع حلفائها إلى استعادة العديد من الأراضي، لكن التنظيم ظل ينفذ هجمات متفرقة وخلايا خفية في البادية والمناطق النائية.

وقد وصفت السلطات السورية مشاركتها في التحالف الدولي بأنها تأكيد على التزامها بمكافحة الإرهاب من منظومة واسعة تشمل تبادل المعلومات وتنسيق الجهود مع الشركاء الدوليين.

إلا أن هذا التوجه يواجه تحديات متعددة تتعلق بالحفاظ على السيادة الوطنية والتنسيق مع القوات الأجنبية على الأرض، خاصة في ظل تعقيدات المشهد الأمني السوري وتداخل المصالح الإقليمية والدولية. كما أن مشاركة القوات الأميركية في ضربة “عين الصقر” تحتضن توجهاً جديداً لتعاون عسكري غير مباشر بين دمشق والتحالف، ما قد يشكّل اختبارًا لمدى إمكانية بناء شراكات أوسع في مكافحة الإرهاب بدون أن تتحول إلى تبعية أو تنازلات على السيادة، وهو ما تتناوله الدوائر السياسية والتحليلات الأمنية بوتيرة متزايدة.

تجسد عملية داريا الأخيرة نتيجة قدرات أمنية متزايدة وتجارب استخباراتية دقيقة في ريف دمشق، وتُعد إشارة إلى تطور في نهج مكافحة الإرهاب داخل البلاد. وتأتي ضمن سياق أوسع من الانخراط السوري في الجهود الدولية ضد تنظيم الدولة، بما في ذلك الانضمام إلى التحالف الدولي والمشاركة في حملات مثل عملية “عين الصقر”، وهو ما يعكس تحولاً في السياسات الأمنية والدبلوماسية السورية في مواجهة الإرهاب، وسط تحديات كبيرة على مستوى الواقع الميداني والسيادي.



مقالات ذات صلة

ul

لافارج أمام العدالة الفرنسية: حكم قضية "تمويل الإرهاب" بسوريا في أبريل المقبل

بعد أكثر من شهر من الجلسات المكثفة، أسدلت محكمة الجنايات في باريس الستار على محاكمة شركة "لافارج" الفرنسية لصناعة الإسمنت
19
ul

الممتلكات اليهودية في سوريا: تاريخ مرتبط بالتراث ولا مطالبات حديثة بأراضٍ

تتداول بعض وسائل الإعلام مؤخراً ادعاءات حول مطالبات من جهات يهودية باستعادة أراضٍ في منطقة حوران جنوب سوريا
70
استبدال العملة السورية

أيام تفصل سوريا عن عملتها الجديدة: حذف صفرين يفتح باب مرحلة نقدية مختلفة

«حذف صفرين»… عبارة قصيرة تختصر تحوّلًا نقديًا واسعًا تستعد له سوريا خلال أيام، في خطوة يُنتظر أن تعيد ترتيب المشهد المالي شكليًا، وتضع القطاع المصرفي أمام اختبار تقني وتنظيمي معقّد.
80
عناصر من الجيش الإسرائيلي

إسرائيل تدخل بالتريند.. اعتقالات بالجنوب السوري بحجة تنظيم الدولة

أعلن جيش الدفاع الإسرائيلي، يوم السبت 20 ديسمبر/كانون الأول، اعتقال شخص في جنوب سوريا مشتبه بانضمامه لتنظيم الدولة الإرهابي.
57
ul

عقوبات دولية على القادة العسكريين في سوريا.. من سهيل الحسن إلى محمد الجاسم… هل تتسع الدائرة؟

في خطوة جديدة تعكس إصرار المجتمع الدولي على محاسبة المتورطين في الانتهاكات داخل سوريا
86
سيرياون إعلان 7