برز اسم سرايا أنصار السنة في المشهد السوري العام 2025 كواحد من أكثر الكيانات المسلحة إثارة للجدل، بعد ادعائه مسؤولية تفجير كل من مسجد الإمام علي في حمص وكنيسة مار إلياس في دمشق وهجمات أخرى طائفية في عدة محافظات.
الجماعة التي تُقدم نفسها كتنظيم جهادي متشدد أثارت تساؤلات كبيرة حول طبيعتها، أيديولوجيتها وارتباطاتها المحتملة مع التنظيمات المتطرفة الكبرى مثل تنظيم "الدولة الإسلامية".
ظهور مبكر وغموض في الهوية
وفقًا لما ورد في المصادر الغربية، أعلن تنظيم سرايا أنصار السنة عن وجوده في سوريا في أواخر يناير/كانون الثاني 2025، لكن ظهوره العلني الحقيقي جاء في أوائل فبراير/شباط من العام نفسه، مع ادعائه مسؤولية هجوم قتل فيه عدد من المدنيين في محافظة حماة.
ويُعتقد أن الجماعة تشكلت من منشقين عن هيئة تحرير الشام، وبعض العناصر التي كانت مرتبطة سابقاً بجماعات أخرى، لكنها لا تمتلك حتى الآن قيادة مركزية واضحة أو بنية تنظيمية موحدة.
أيديولوجيا مسلحة بلا مشروع
في منشوراتها وبياناتها، تتبنى سرايا أنصار السنة خطاباً شديد التطرف يهاجم الطوائف الدينية في سوريا، خصوصاً العلويين والشيعة والمسيحيين. وقد ظهرت إشارات في تلك البيانات إلى خطاب متأثر بجماعات مثل داعش، مع استخدام عبارات ومرجعيات مشابهة، رغم أن الجماعة تنكر ارتباطها الرسمي بتنظيم الدولة الإسلامية.
حتى الآن، لا يبدو أن الجماعة أعلنت عن أهداف سياسية واضحة مثل إقامة “إمارة” أو منطقة سيطرة محددة، كما تفعل التنظيمات الجهادية التقليدية. تركيزها العلني كان في تلقّي العمليات الفردية أو العشوائية ونشرها على قنواتها في “تلغرام”، ما يعكس نهجاً غير منظم يشبه شبكات “الذئاب المنفردة” أكثر من كونه تنظيمًا مركزياً موحدًا.
عمليات وتبني هجمات مثيرة للجدل
أكبر عملية نسبت إليها الجماعة حتى الآن تفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حمص الذي أسفر عن استشهاد وجرح العشرات من المدنيين، وكانت تبنت قبل ذلك تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق في يونيو 2025، وهو هجوم انتحاري دموي أسفر عن عشرات الشهداء والجرحى أثناء أداء المصلين عباداتهم.
مصادر متعددة تتحدث عن تبني الجماعة لهذه العملية عبر بيان نشرته على “تلغرام”، بينما السلطات السورية الرسمية نسبت الهجوم إلى خلايا مرتبطة بـ “داعش”، وأكدت أن تنظيم أنصار السنة قد يكون مجرد اسم أو واجهة.
بخلاف ذلك، ادعت الجماعة مسؤوليتها أو تورطها في هجمات صغيرة أو اغتيالات طائفية في محافظات مثل حماة، حمص، اللاذقية وحلب، مستهدفة عناصر من الأقليات أو أفراداً يعتبرون أو “غير مؤمنين” بحسب تفسيرها.
تساؤلات حول الحضور الحقيقي والارتباط
رغم ادعاءاتها، لا تزال هناك مخاوف واسعة لدى المراقبين والخبراء حول مصداقية الجماعة. بعض المحللين يشيرون إلى أن سرايا أنصار السنة قد تكون في الواقع تنظيماً وظيفياً، أي واجهة إعلامية أو اسم يستخدم لتبرير عمليات مختلفة أو لتضليل التحقيقات، وقد تكون مرتبطة ضمنيًا بتنظيمات أكبر مثل “داعش” أو خلية تابعة لها.
تنظيم في طور التشكل أم تهديد حقيقي؟
يبقى تنظيم سرايا أنصار السنة حتى الآن غامضاً في تركيبه، مناهجه وارتباطاته. رغم أن نشاطه المعلن يتجه نحو العنف الطائفي المتطرف، فإن الأدلة على هيكل تنظيمي متماسك أو برنامج عقائدي منظّم ما زالت غير واضحة.
مع ذلك، فإن تبني التنظيم لهجمات على أهداف مدنية، خاصة أماكن العبادة، يجعله تهديدًا أمنيًا حقيقيًا في سياق سوريا ما بعد السقوط، ويستدعي استمرار المتابعة والتحقيق من قبل الأجهزة المختصة.






