خاص- سيريا ون
في تحوّلٍ يُعَدّ الأهم منذ اندلاع الأزمة السورية، ألغت الولايات المتحدة الأمريكية قانون "قيصر"، ما فتح الباب أمام دمشق للانخراط مجدداً في الدورة الاقتصادية الدولية بعد أكثر من عقد من العزلة والعقوبات التي خنقت الاقتصاد وعطلت جهود الإعمار.
أعاد القرار رسم خريطة الفرص الاستثمارية في البلاد، مع تركيز خاص على قطاعات جُمّدت طوال سنوات الحرب.
ويأتي قطاع الكهرباء في المقدمة، إذ يحتاج إلى إعادة بناء شبه كاملة بعد تدمير شبكاته وتراجع إنتاجه إلى مستويات حرجة.
ويليه قطاع الإسمنت، الذي توقف بشكل شبه كلي بسبب صعوبات استيراد المعدات والمواد الخام.
كما برزت مشاريع البنية التحتية من طرقات وموانئ ومطارات ومصافٍ كأحد المحاور الجاذبة للمستثمرين، إلى جانب قطاعات الطاقة والاتصالات والمصارف، التي كانت مغلقة أمام رؤوس الأموال الأجنبية.
سوريا تستعيد قدرتها على التمويل الدولي
للمرة الأولى منذ عام 2011، بات بإمكان السلطات السورية تقديم طلبات رسمية للحصول على تمويل من مؤسسات دولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها مفتاح لتنفيذ مشاريع تنموية ضخمة في قطاعات المياه والصحة والنقل والطاقة، وخطوة أولى نحو إعادة الاندماج التدريجي في الاقتصاد العالمي.
الليرة السورية تتلقّى دعماً عبر القنوات الرسمية
ساهم إلغاء العقوبات في إحياء القنوات المصرفية الرسمية، بعد أن سمح للمصرف المركزي السوري باستعادة علاقات المراسلة مع بنوك إقليمية ودولية، ويشكل ذلك دعماً مباشراً لليرة السورية، من خلال تسهيل التحويلات وتمويل التجارة، وتقليل الاعتماد على السوق السوداء، وتعزيز ثقة الجمهور بالنظام المصرفي عبر عودة تدفّق العملات الأجنبية عبر قنوات نظامية.
ومع زوال الحواجز القانونية، يُتوقّع أن تستقطب سوريا استثمارات من دول الخليج وتركيا وأوروبا، لا سيما في قطاعات الإسكان والزراعة والصناعات الغذائية والنقل.
ويُتوقع أن يؤدي ذلك إلى خلق فرص عمل جديدة، وتخفيض مستويات البطالة والفقر التي وصلت إلى مستويات قياسية خلال السنوات الماضية.
سوريا تعود كممرّ تجاري إقليمي
ويفتح القرار الباب أمام عودة سوريا إلى موقعها الجغرافي التاريخي كحلقة وصل تجارية بين الخليج وتركيا والعراق والأردن والساحل الشرقي للمتوسط، ويُسهم ذلك في خفض تكاليف الاستيراد ورفع تنافسية الإنتاج المحلي، ما يعزز من قدرة الاقتصاد على الانتعاش. ويحمل قرار الإلغاء أبعاداً سياسية واضحة، إذ يُرسل إشارة إلى أن واشنطن لم تعد تنظر إلى سوريا كامتداد للنظام السابق، بل كشريك محتمل في استقرار المنطقة، كما يُفسّر القرار كرسالة مشجّعة إلى العواصم الخليجية والأوروبية بأن الباب بات مفتوحاً أمام انخراط فعّال في مسيرة إعادة الإعمار.
تحديات لا تزال قائمة رغم التفاؤل
رغم المؤشرات الإيجابية،
تبقى عقبات جوهرية أمام عملية الانتعاش، من أبرزها شروط الامتثال الغربية المرتبطة
بتحقيق استقرار سياسي وأمني دائم، إضافة إلى حجم التمويل المطلوب، الذي قدّره صندوق
النقد الدولي بـ 216 مليار دولار لإعادة الإعمار بالكامل، رقم يفوق بكثير القدرات المالية
المحلية حتى مع دعم الشركاء الدوليين






