سياسي

جردة حساب العلاقات الثنائية.. اتفاق ١٠ آذار على أجندات الوفد التركي الذي يزور دمشق

43
ul

دمشق وأنقرة تفتحان ملف “قسد” على مصراعيه، إذ لم تكن زيارة الوفد التركي إلى دمشق بروتوكولية عابرة، ولا مؤتمرها الصحفي مجرد تبادل مجاملات دبلوماسية؛ بل جاءت محمّلة برسائل سياسية وأمنية مباشرة، وضعت اتفاق 10 آذار/مارس وملف “قسد” في صدارة اختبار حاسم، وسط تلميحات تركية متزايدة بأن الوقت لم يعد متاحا والأمر مفتوح على كل الاحتمالات.

لقاء القصر: وفد أمني-سياسي تركي في دمشق

استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع، في قصر الشعب بدمشق، وفدًا تركيًا رفيع المستوى ضم وزير الخارجية هاكان فيدان، ووزير الدفاع يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، وذلك بحضور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة، ورئيس جهاز الاستخبارات حسين السلامة.

ووفق البيان الرسمي، جرى خلال اللقاء بحث القضايا ذات الاهتمام المشترك، والتطورات الإقليمية والدولية، وسبل تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين، بما يخدم المصالح المتبادلة ويسهم في دعم الأمن والاستقرار في المنطقة.

اللقاء عكس، من حيث التشكيلة والملفات، طابعًا يتجاوز السياسة التقليدية، ليجمع بين الأمن، والدفاع، والاستخبارات في مقاربة شاملة للملف السوري-التركي، في توقيت حساس إقليميًا.

مؤتمر صحفي مشترك: اتفاق 10 آذار وقانون وإسرائيل

عقب اللقاء، عقد وزيرا خارجية سوريا وتركيا مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا شكّل منصة لإطلاق مواقف متقدمة، خصوصًا في ما يتعلق بملف قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أكد أن المباحثات تناولت التعاون الاستراتيجي بين أنقرة ودمشق، إضافة إلى مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، مشيرًا إلى بحث ما يمكن القيام به بشكل مشترك للتصدي للتنظيم. كما شدد على أن القيادة السورية قدمت نموذج إدارة يحقق الاستقرار والتنمية.

وفي موقف لافت، دعا فيدان إسرائيل إلى التخلي عن سياساتها التوسعية، معتبرًا أن ممارساتها تشكل عنصر عدم استقرار في المنطقة، كما كشف عن بحث تطورات اتفاق غزة وسبل الانتقال إلى المرحلة الثانية منه خلال اجتماعات سابقة.

أما في ما يخص “قسد”، فكان الخطاب التركي أكثر صراحة، إذ قال فيدان إن الانطباع السائد هو عدم وجود نية لدى قوات سوريا الديمقراطية لإحراز تقدم حقيقي في تنفيذ اتفاق 10 آذار، معتبرًا أن وجود محادثات بين “قسد” وإسرائيل يشكل عقبة أمام جهود الاندماج.

من جانبه، قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إن دمشق لم تلمس حتى الآن مبادرة جدية أو إرادة حقيقية من جانب “قسد” لتنفيذ الاتفاق، كاشفًا أن الحكومة السورية تلقت ردًا من “قسد” يوم أمس بشأن تنفيذ الاتفاق وتقوم حاليًا بدراسته.

وشدد الشيباني على أن أي تأخير في اندماج “قسد” ضمن الجيش السوري يحمل ظلمًا لمنطقة الجزيرة، ويؤثر سلبًا على التنمية والاستقرار فيها، مؤكدًا أن الجزيرة جزء أساسي من الجغرافيا السورية وتحظى باهتمام الدولة.

كما اتفق الجانبان على أن تعليق أو رفع قانون قيصر يمثل خطوة بالغة الأهمية لتحقيق الاستقرار وإطلاق عجلة الإعمار والتنمية في سوريا.

رسائل دمشق وأنقرة وما وراء التصريحات

تعكس هذه الزيارة، وما تلاها من تصريحات، تقاطعًا واضحًا في الموقفين السوري والتركي حيال ملف “قسد”، مع اختلاف في أدوات التعبير وحدّة الخطاب.

فبينما ركزت دمشق على البعد السيادي ووحدة الأراضي وتأثير التأخير على منطقة الجزيرة، ذهبت أنقرة إلى ربط ملف الاندماج مباشرة بالأمن القومي التركي وبالعلاقات الإقليمية، خصوصًا في ما يتعلق بإسرائيل.

وتأتي هذه التصريحات منسجمة مع مواقف سابقة لوزير الدفاع التركي يشار غولر، الذي أكد في تصريحات متكررة خلال الأسابيع الماضية أن اندماج “قسد” يجب أن يتم بشكل فردي داخل الجيش السوري وليس ككيان مستقل، محذرًا من أن أي صيغة أخرى لا يمكن اعتبارها اندماجًا حقيقيًا، كما شدد غولر على أن المهلة الممنوحة لتنفيذ الاتفاق تنتهي مع نهاية العام الجاري، وأن تركيا مستعدة “لكل السيناريوهات” بعد هذا التاريخ.

الربط بين تصريحات فيدان السياسية ومواقف غولر العسكرية يكشف عن تكامل في الخطاب التركي وهي دبلوماسية تضغط، ورسائل أمنية تلوّح بالخيارات البديلة في حال استمرار التعثر.

في المقابل، تحاول دمشق الإبقاء على المسار السياسي مفتوحًا، مع تحميل “قسد” مسؤولية التأخير، وتأكيد أن الاتفاق يعبر عن إرادة سورية لتوحيد الأراضي والمؤسسات، لا عن إملاءات خارجية.

في المحصلة، تبدو زيارة الوفد التركي إلى دمشق نقطة مفصلية في مسار اتفاق 10 آذار؛ إذ نقلت الملف من مرحلة الانتظار والتصريحات العامة إلى مرحلة الضغط السياسي العلني، مع اقتراب استحقاقات زمنية حاسمة، ما يجعل المرحلة المقبلة اختبارًا فعليًا لمدى قدرة الأطراف على تحويل الاتفاق إلى واقع ملموس على الأرض


مقالات ذات صلة

ul

ضحايا وجرحى ونزوح مدنيين جراء قصف قسد للأحياء السكنية في حلب

شهدت مدينة حلب تصعيداً ميدانياً لافتاً، إثر قصف طال أحياء سكنية مأهولة بالسكان، ما أسفر عن سقوط ضحايا وجرحى بين المدنيين، واندلاع حرائق، ونزوح عدد من الأهالي، بحسب ما ذكرته مصادر رسمية سورية.
8
ul

رغم تعهّدات الإغلاق.. رويترز تؤكد: عودة سجون سيئة السمعة في دمشق إلى العمل

بعد تعهّدات رسمية بإغلاق مراكز الاحتجاز، كشفت معطيات جديدة عن إعادة تشغيل سجون اشتهرت بانتهاكات جسيمة في سوريا، وسط موجة اعتقالات جديدة واتهامات بظروف احتجاز قاسية، وفق تحقيق أجرته وكالة رويترز.
32
ul

اشتباكات في حلب تربك جهود الاندماج.. اتفاق العاشر من آذار على المحك

في أحدث تطور ميداني جسّده التوتر بين الجهات المتعددة في سوريا، أعلنت قوات الأسايش في حلب إحباط محاولة اعتداء نفذتها فصائل تُعتبر جزءًا من الحكومة السورية الحالية في المدينة، مستهدفة حاجزًا مشتركًا قرب دوار شيحان في محيط حي الأشرفية، ما أسفر عن إصابة عنصرين أثناء أداء مهامهما، بحسب بيان رسمي لقوات الأسايش.
13
ul

توتر واشتباكات بين قسد والأمن العام في حلب والداخلية توضح

اندلعت اشتباكات اليوم الاثنين، بين قوات سوريا الديمقراطية "قسد" والأمن العام في حلب.
17
ul

وفد تركي رفيع المستوى في دمشق لبحث تنفيذ اتفاق 10 مارس والملفات الأمنية

في خطوة لافتة تعكس زخمًا سياسيًا متسارعًا، وصل وفد تركي رفيع يضم وزيري الخارجية والدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات إلى العاصمة السورية دمشق
49
سيرياون إعلان 7