في خطوة جديدة تعكس إصرار المجتمع الدولي على محاسبة المتورطين في الانتهاكات داخل سوريا، فرضت المملكة المتحدة مؤخراً عقوبات على عدد من القادة العسكريين المنضوين تحت مظلة النظام السوري الحالي، متهمة إياهم بالتورط في أعمال عنف وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، لا سيما في مناطق الساحل السوري.
هذه العقوبات تعيد إلى الأذهان سلسلة من الإجراءات المماثلة طالت شخصيات عسكرية بارزة في النظام السوري خلال السنوات الماضية، ما يطرح تساؤلات حول مدى فعالية هذه العقوبات، وما إذا كانت تمهّد لموجة أوسع من المحاسبة؟
قادة من النظام السابق.. سجل حافل بالانتهاكات
من بين أبرز الأسماء التي طالتها العقوبات في السنوات الماضية، سهيل الحسن المعروف بلقب "النمر" وهو قائد القوات التي تحمل ذات الاسم، اتُهم باستخدام أساليب قمعية مفرطة، بما في ذلك البراميل المتفجرة، في حملاته العسكرية ضد مناطق المعارضة، ما أدى إلى إدراجه على قوائم العقوبات الأوروبية
والأميركية.
والاسم الثاني هو علي مملوك الذي شغل منصب رئيس مكتب الأمن الوطني، وأحد أبرز العقول الأمنية في النظام، ووُجهت له اتهامات بالإشراف على حملات اعتقال وتعذيب ممنهجة، وكان من أوائل من طالتهم العقوبات الغربية، إضافة لوزير الدفاع الأسبق فهد جاسم الفريج، الذي شارك في تخطيط وتنفيذ العمليات العسكرية ضد المدنيين، ما جعله
هدفاً للعقوبات الدولية
وتمثل هذه الشخصيات الجيل الأمني والعسكري الأول الذي واجه العقوبات بسبب دوره في قمع الاحتجاجات الشعبية منذ عام 2011
قادة من النظام الحالي.. عقوبات بريطانية جديدة
في المقابل، شملت العقوبات البريطانية الأخيرة قادة عسكريين من الفصائل المسلحة التي اندمجت لاحقاً في وزارة الدفاع السورية، ومن أبرزهم: قائد فرقة "السلطان سليمان شاه" محمد الجاسم، المتهم بالتورط في أعمال عنف وانتهاكات ضد المدنيين في مناطق الساحل السوري، وقائد فرقة "الحمزة" سيف الدين بولاد، الذي وُجهت له اتهامات بالمشاركة في قمع السكان المحليين خلال أحداث شهدتها محافظتا اللاذقية وطرطوس.
ورغم أن هذه الفصائل كانت تُصنّف سابقاً ضمن المعارضة، إلا أن اندماجها في الجيش السوري الرسمي جعل قادتها عرضة للمساءلة الدولية، خاصة بعد تورطهم في عمليات أمنية داخلية.
مقارنة بين الجيلين.. هل تغيّر شيء؟
رغم اختلاف الخلفيات والانتماءات، إلا أن القاسم المشترك بين القادة المعاقَبين من النظام السابق والحالي هو التورط في انتهاكات ضد المدنيين، سواء عبر القمع المباشر، أو من خلال قيادة تشكيلات عسكرية مسؤولة عن أعمال عنف، فالجيل السابق المتمثل بـ "الحسن، مملوك، الفريج" كان جزءاً من البنية الأمنية التقليدية للنظام، والجيل الحالي المتمثل بـ "الجاسم، بولاد" يمثل تحالفات جديدة اندمجت في الدولة، لكنها تبنّت ذات الأساليب القمعية.
هل تتسع دائرة العقوبات؟
مع استمرار التوترات في بعض المناطق، وتزايد التقارير الحقوقية حول الانتهاكات في الساحل السوري ومناطق أخرى، تبدو العقوبات الأخيرة بمثابة رسالة تحذير بأن المجتمع الدولي يراقب، وأن الانتماء السياسي أو تبدّل الولاءات لا يعفي من المحاسبة.
وفي ظل هذا السياق، لا يُستبعد أن تشهد المرحلة المقبلة مزيداً من العقوبات تطال شخصيات عسكرية وأمنية جديدة، في إطار ما تصفه لندن بأنه دعم لمسار العدالة الانتقالية في سوريا
سياسي
عقوبات دولية على القادة العسكريين في سوريا.. من سهيل الحسن إلى محمد الجاسم… هل تتسع الدائرة؟
25

مقالات ذات صلة

أيام تفصل سوريا عن عملتها الجديدة: حذف صفرين يفتح باب مرحلة نقدية مختلفة
«حذف صفرين»… عبارة قصيرة تختصر تحوّلًا نقديًا واسعًا تستعد له سوريا خلال أيام، في خطوة يُنتظر أن تعيد ترتيب المشهد المالي شكليًا، وتضع القطاع المصرفي أمام اختبار تقني وتنظيمي معقّد.
0

النرويج: استئناف النظر في طلبات لجوء السوريين اعتباراً من 2026
أعلنت مديرية الهجرة النرويجية (UDI) أنها ستستأنف، النظر في طلبات اللجوء المقدمة من مواطنين سوريين، بعد توقف دام أكثر من عام هذا القرار، اعتباراً من عام 2026.
23

تغيّرات سعر الذهب في سوريا خلال أكثر من عقد
انخفض سعر غرام الذهب عيار 21 اليوم السبت في سوريا نحو 30 ألف ل.س، بعد أن تجاوز المليون و385 ألف ل.س.
92

عملية "عين الصقر".. ضربة أميركية واسعة ضد "داعش" في سوريا بدعم إقليمي وتنسيق دولي
في تصعيد عسكري لافت، أعلنت القيادة المركزية الأميركية عن تنفيذ عملية جوية واسعة النطاق تحت اسم "عين الصقر"
63

دمشق وقسد يسابقان الزمن لإنجاح اتفاق آذار
ذكرت وكالة رويترز، أنَّ حكومة دمشق وقوات سوريا الديمقراطية تسعيان جاهدتان لإنجاح اتفاق آذار قبل انتهاء المدة المحددة.
45
