اقتصاد

الليرة السورية في حلّتها الجديدة.. خطوة استراتيجية لتنظيم وتيسير التداول النقدي

60
ul

يُعد استبدال العملة القديمة بجديدة في سوريا خطوة استراتيجية لتنظيم التداول النقدي وتيسيره في حيث يمر الاقتصاد بأدق مراحله، وليس كما يفهمها البعض بأنها عملية تقنية و دون إحداث صدمة في سلوك الفعاليات الاقتصادية والمواطنين.

حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية عقد مؤتمرا صحفيا في مبنى المصرف بدمشق، أعلن خلاله التعليمات التنفيذية لإطلاق العملة السورية الجديدة، مؤكداً أن هذه الخطوة تمثل محطة مفصلية في مسار الإصلاح الاقتصادي.

وأكد الحصرية أن إطلاق العملة السورية الجديدة لا يُعد إجراءً شكلياً، بل يشكل جزءاً أساسياً من استراتيجية اقتصادية شاملة تستند إلى أسس مؤسساتية راسخة، في مقدمتها تعزيز الثقة بالمؤسسات الوطنية وتحقيق استقرار اقتصادي مستدام.

وأوضح أن هذه الخطوة تعكس التزام مصرف سوريا المركزي بتنفيذ سياساته الإصلاحية وفق معايير مهنية ومسؤولة.

وفي هذا الإطار أكد الخبير الاقتصادي زياد عربش  لموقع  syria one  أن نجاح هذه الخطوة المهمة يحتاج لشروط لتجنب السلبيات، لفتح بوابة مستدامة للازدهار الاقتصادي، والمساهمة في إصلاح القطاع المالي وبناء الثقة بالاقتصاد السوري.

وأوضح عربش العديد من النقاط المهمة في سياق عملية طرح واستبدال العملة السورية الجديدة.

١- في الأمور التقنية للاستبدال فعليا ولطمأنة الجميع، الوضوح والمتابعة اليومية عاملان رئيسيان لنجاح العملية ويجب تقليص مدة التبديل من  خمس سنوات إلى ستة أشهر فقط، مع تحديد جدول زمني واضح وغير مفاجئ

فطبع العملة الجديدة ليس "كطبع طوابع بريدية"، حيث يفترض بأن تكون عملية مدروسة وبموارد كافية متوفرة. عمليا"، ستواجه جميعا تحديات في التكيف مع الحسابات اليومية، خاصة في الأسواق حيث سيحدث اختلاطات عديدة أثناء التحويل بين العملة القديمة والجديدة، مما قد يؤدي إلى خلافات أو محاولات تدليس

على سبيل المثال، سعر سلعة بـ50,000 ليرة قديمة يصبح 500 ليرة جديدة، لكن الفروق في العمليات الحسابية مثل الجمع أو الطرح ستتطلب وقتًا للتعود، خاصة لكبار السن أو غير الملمين بأمور الحسابات، كما يتطلب تحديث الأجهزة المالية مثل أجهزة الصرف الآلي ونقاط البيع (POS)، بالإضافة إلى تسوية المدفوعات الحكومية والخاصة، مما يستغرق أشهرا"، و تلعب المصارف ومكاتب الصرافة دوراً حاسماً كجسر بين العملة القديمة والجديدة، حيث يسهلون التبادل الآمن والسريع.

٢- التأثير على أسعار السلع والخدمات ان إصدار العملة الجديدة بعد حذف الصفرين (مثل تحويل 10,000 ليرة قديمة إلى 100 ليرة جديدة) لن يغير القوة الشرائية الفعلية للنقود بين أيدينا ، فهو إجراء لتبسيط التعاملات.

في البداية، ومن المتوقع جدا حدوث ارتفاع طفيف في الأسعار بسبب "تأثير التقريب" أو الارتباك في السوق، حيث يقوم التجار بتعديل الأسعار لأرقام مستديرة جديدة، كما حدث في تركيا عام 2005 أو البرازيل سابقا، وستُجرى تعديلات في الأسعار والفواتير والأجور لتتناسب مع الأرقام الجديدة، لكن التشتت الأولي سيعيق التدفق التجاري لأيام.

كما في تجربة إيران حيث أعادت العملة عدة مرات (حذف 4 أصفار عام 2020) لكن الأسعار ارتفعت بسرعة بسبب التضخم المستمر، وفنزويلا التي حذفت 6 أصفار عام 2018 ثم أضافت صفرا آخر عام 2021 مع تفاقم الانهيار النقدي.


٣- الإيجابيات والسلبيات كايجابيات وعلى المدى القريب والهدف المرجو  (تقليل التضخم الزائد، تسهيل المعاملات اليومية، وتعزيز الاستقرار النقدي من خلال تقليص الاعتماد على العملات الأجنبية) سيتوافق ويجب أن يتوافق مع الغايات على المدى البعيد، كبناء الثقة في الاقتصاد السوري، وتشجيع الاستثمار المحلي، والايفاء بشروط لإصلاحات المالية الاوسع كالرقمنة والاندماج في الأسواق الإقليمية.

وبالتالي فإيجابيات العملية: - تنظيم السوق النقدي وتقليل الاحتكار. -  تعزيز الثقة بالمصرف المركزي كجهة موثوقة. - دعم الاقتصاد الرسمي وتقليل الاقتصاد الموازي.

أما السلبيات المحتملة فقد يواجه الاقتصاد ككل مقاومة أولية بسبب الارتباك، خاصة إذا لم يُدار بشفافية، أو يؤدي إلى ضغوط مؤقتة على السيولة إذا لم تُدار المخزونات جيداً.

وأهمية كل ذلك تكمن في: • دعم السيولة النقدية أثناء الانتقال. • تعزيز الشفافية من خلال تسجيل المعاملات خاصة لانتشارها الجغرافي الواسع • بناء الثقة بالمصارف عبر تدريب الكوادر ودمجهم في الإشراف الرسمي على عمليات التبديل.

٤- القدرة الشرائية اقتصادياً، الأمر برمته لا يحل مشكلة التضخم الأساسية في سوريا، المتراكمة اثناء الحرب، لذا لن تشهد القوة الشرائية تحسنا حقيقية من من ، بل قد يشعر المواطنون بتأثير نفسي إيجابي ًفي البداية، إذ يشعر الناس بـ"غنى وهمي" من انخفاض عدد الأصفار، لكن القدرة الشرائية تبقى كما هي ما لم يُعالج الاقتصاد جذريًا، فتجربة إيران أظهرت أن حذف الأصفار لم يوقف فقدان القوة الشرائية، وفنزويلا شهدت انهيارًا كاملاً رغم التعديلات المتكررة.

٥- التأثير على الاقتصاد ككل والاستثمارات على المدى القصير، لا يُتوقع نمو اقتصادي ملحوظ، لكن على المدى الطويل، يمكن أن تكون فرصة لتطوير مستدام إذا صاحبتها إصلاحات هيكلية وعلى راسها عودة عمليات الاقراض ومكافحة التضخم وجذب الاستثمارات.

واقتصاديا، فحذف الأصفار تبقى خطوة تنظيمية لتبسط العمليات الحسابية وتقلل التكاليف الإدارية، لكونها لا تحل مشاكل التضخم أو تقلبات العملة الناتجة عن العقوبات والفساد اذا لم تصغ الدولة الخطة الإستراتيجية الاقتصادية التي طلب انتظارها
، كما ان استعادة الثقة بالليرة لن يتم إذا لم يترافق باستقرار سياسي، وفتح فرص لنمو قصير الأمد عبر تسهيل التجارة الداخلية.

وعلى المدى الطويل، يفُترض أن تكون العملية برمتها بوابة لتطوير مستدام وتنفيذ للإصلاحات الهيكلية و دعم الزراعة والصناعة، وجذب استثمارات أجنبية في الطاقة المتجددة، 
والمساهمة في إصلاح القطاع المالي بتقليل الدولرة غير الرسمية، وبناء الثقة بالاقتصاد السوري من خلال حوارات دورية مع كل الفعاليات الاقتصادية وتعزيز الاستقرار.

فتعامل السوريون مع التغييرات يتطلب حملات توعية حكومية وشرح مسب يركز على التحويلات والحسابات اليومية، خاصة لطبيعة ومدة الفترة الإنتقالية التي تسمح باستخدام العملتين جنبا إلى جنب لأسابيع أو أشهر وليس لسنوات، وفي الأسواق،  الثقة المتبادلة والتجارب اليومية هي الحكم لتقليل اللبس، وتجنب الفوضى أو الدولرة.



٦- شروط النجاح والشفافية والثقة والتتبع ولتجنب كل السلبيات، فيجب التركيز على الثقة والشفافية من خلال عقد لقاءات وحوارات دورية خاصة مع الفعاليات والنقابات والاتحادات المهنية والمجتمع لشرح الخطوات، مع التركيز على أهمية الثقة والوضوح وتشكيل إجماع وطني لضمان عدالة الانتقال وحماية حقوق المواطن، فلا بديل عن الشفافية والتوزع الجغرافي وضمان حقوق المغتربين الذين هم خارج سورية، وداخليا البدء مباشرة باعداد موازنات موحدة لكل الشركات بالعملة الجديدة من 1 كانون الثاني 2026، مع تجنب الدولرة تماماً لتعزيز الوحدة الاقتصادية، مع أهمية مراعاة الفئات الضعيفة (دعم نقدي مباشر، حملات توعية). اي لابد من اتخاذ إجراءات واضحة تحمي الودائع والمساهمين، وتمنع الاحتيال، وتضمن تبادلاً مجانياً خلال ستة أشهر، مع رقابة قضائية مستقلة.

وبالتالي تحول الانتقال إلى فرصة للعدالة الاقتصادية الاجتماعية ولتجنب تجارب دول مرت بنتائج سلبية للغاية كون كامل "العّدة  لم تكن مُعدة" قبل وأثناء عملية الاستبدال.

فالنجاح يعتمد على التنفيذ الفعال والتوعية، وإلا قد يفاقم التحديات الحالية بفقدان التتبع للسيولة.


مقالات ذات صلة

سعر الذهب والدولار

تحسن جزئي بسعر الليرة أمام الدولار.. وارتفاع طفيف للذهب

شهد سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي تحسن جزئي، في افتتاح اليوم الأحد 28 كانون الثاني/ديسمبر، في حين تواصل أسعار الذهب ارتفاعها في سوريا، بحسب موقع الليرة اليوم.
148
الحدود السورية اللبنانية

أثناء عودتهم إلى سوريا.. غرق 11 سوري على الحدود اللبنانية السورية

تعرض 11 مواطناً سورياً للغرق في النهر على الحدود اللبنانية - السورية أثناء عودتهم إلى سوريا من لبنان، بينهم رجل مسن و5 أطفال وسيدتان.
45
ul

الاقتصاد: تشديد العقوبات على المخالفين للإعلان عن الأسعار

أصدرت وزارة الاقتصاد السورية قراراً يقضي بتشديد العقوبات على المخالفين للإعلان عن الأسعار من خلال إجراءات تشمل فرض غرامات مالية والإغلاق المؤقت للفعاليات التجارية.
45
ul

ارتفاع الذهب واستقرار الدولار في سوريا اليوم

تشهد الأسواق المالية في سوريا اليوم السبت 27 ديسمبر 2025 حركة ملحوظة في أسعار الدولار الأمريكي والذهب
45
ul

"أنصار السنة".. تنظيم غامض يتصاعد في سوريا واتهامات بالولاء لتنظيم الدولة

برز اسم سرايا أنصار السنة في المشهد السوري العام 2025 كواحد من أكثر الكيانات المسلحة إثارة للجدل، بعد ادعائه مسؤولية تفجير كل من مسجد الإمام علي في حمص وكنيسة مار إلياس في دمشق وهجمات أخرى طائفية في عدة محافظات.
1376
سيرياون إعلان 7