مجتمع

بين التخوّف والطمأنة: توضيحات قضائية بشأن وصاية الأم السورية

33
ul

خاص- سيريا ون

في ظلّ حالة من التوجّس والقلق التي اجتاحت شريحة واسعة من الأمهات في سوريا، برز تعميم قضائي جديد حاملاً في طيّاته أكثر من سؤالٍ حول مكانة المرأة في منظومة الأسرة والقانون.

التعميم رقم 17 لعام 2025، الصادر عن القضاء الشرعي، أُسيء فهمه على نطاق واسع باعتباره يسلب الأم السورية حقّها في وصاية أبنائها، خصوصًا بعد وفاة الأب، لكن التفاصيل، عند التدقيق، تروي قصة مختلفة.

القضاء يوضح: لا إلغاء للوصاية، بل تسهيل للإجراءات

وفي محاولة لاحتواء الموجة الإعلامية والاجتماعية التي أثارها التعميم، أوضح القاضي الشرعي الأول في دمشق أن الهدف منه لم يكن تقييد حقوق الأم، بل تسريع إجراءات إصدار جوازات السفر للقصر من دون الحاجة إلى مراجعة المحكمة شخصيًا.

وأكد أن الأم تحتفظ بحقّها الكامل في طلب جواز سفر لطفلها، لا سيما في حال وفاة الأب، وأن السفر إلى خارج البلاد لا يزال يتطلب موافقة الطرفين أو بديل قانوني معتمد عند غياب أحدهما، بما في ذلك استخدام الاتصال المرئي كوسيلة رسمية لتوثيق الموافقة، وشدّد على أن "الوصاية الشرعية لم تُلغَ، وأي ادّعاء بعكس ذلك غير دقيق".

بين التهميش القانوني وانعدام الثقة.. صوت الأمهات: نخشى التطبيق، لا النصّ

ورغم وضوح النصّ القانوني، تبقى المخاوف حيّة على الأرض. تقول منى، أمّ مطلّقة من دمشق لـ"سيريا ون": "القانون قد يمنحنا الحق، لكن بعض الموظفين في الدوائر الرسمية لا يزالون يعاملوننا وكأننا غير مؤهلات لتربية أبنائنا". وتشاطرها القلق سارة، أرملة من حلب، التي تؤكد أن "الوصاية ليست مجرد ختم إداري، بل هي القدرة اليومية على اتخاذ قرارات بشأن صحة الطفل ودراسته ومستقبله". وتضيف: "أخشى أن يتحوّل أي خلاف عائلي بسيط إلى ذريعة لحرماننا من هذا الحق، وكأننا غرباء عن أبنائنا".

الشفافية… المفتاح الحقيقي لحماية الأطفال

من زاوية قانونية، يوضح المحامي محمود حسن أن التعميم، في جوهره، يرمي إلى حماية مصلحة القاصر وضمان استقراره. لكنه يلفت إلى أن "التطبيق العادل والشفاف هو الضامن الحقيقي لحقوق الأم". ويحذر من أن أي تفسير ضيّق أو تطبيق تمييزي قد يترك آثارًا نفسية واجتماعية عميقة على الأطفال، إذ إن الوصاية القانونية تمنح الأم القدرة على التصرّف باسم أبنائها في القضايا الحسّاسة.

رغم التوضيح القضائي، لم تهدأ الأصوات الناقدة


الصحفية راما خليل رأت في التعميم، "حتى لو لم يُلغِ الوصاية صراحة"، انعكاسًا لثقافة قانونية ما زالت تنظر إلى الأم كطرف ثانوي. وقالت لـ"سيريا ون": "هذا القرار يوحي بعدم ثقة المؤسّسة القانونية بقدرة الأم السورية على رعاية أبنائها، ويضع الوليّ الذكر، حتى لو كان غريبًا، في موقع أعلى من حقّها الطبيعي. إنه استمرار لسلسلة تمييزات، منها حرمانها من منح جنسيتها لأطفالها"،واعتبرت أن مثل هذا التوجّه لا يُعزّز حماية الأسرة، بل يُضعف بنيانها، ويُشكّل تراجعًا صريحًا في مسيرة حقوق المرأة.

وفي السياق نفسه، شدّد الصحفي جاد علي، من دمشق لـ"سيرياون"، على أن "الوصاية ليست حكرًا على عائلة الأب". وقال لموقع "سيريا ون": "الأم شريك أصيل في حياة أبنائها، وإذا توفّي زوجها فهي الأَوْلى برعايتهم قانونًا ووجدانًا. القضاء وعائلة الطفل يأتون في المرتبة الثانية. القوانين وُضعت لتنظيم الحقوق، لا لإقصاء طرف منها أو تهميشه".

يظل التعميم رقم 17 لعام 2025 نصًّا قانونيًّا يُقرّ بحق الأم في الوصاية ويهدف إلى تسهيل الإجراءات المتعلقة بأبنائها القُصّر، لا إلى سلب صلاحياتها. ومع وضوح النص، يبقى التطبيق العملي على أرض الواقع هو المعيار الحقيقي لفعالية هذا التوجيه.

فالشفافية في التنفيذ، واحترام الأطر القانونية دون تحيّز، هما الضمانة الوحيدة لحماية مصلحة الأطفال، وضمان استقرار الأسرة، وتحقيق التوازن بين الحقوق المشتركة للوالدين.



مقالات ذات صلة

ul

توتر واشتباكات بين قسد والأمن العام في حلب والداخلية توضح

اندلعت اشتباكات اليوم الاثنين، بين قوات سوريا الديمقراطية "قسد" والأمن العام في حلب.
37
ul

وفد تركي رفيع المستوى في دمشق لبحث تنفيذ اتفاق 10 مارس والملفات الأمنية

في خطوة لافتة تعكس زخمًا سياسيًا متسارعًا، وصل وفد تركي رفيع يضم وزيري الخارجية والدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات إلى العاصمة السورية دمشق
58
ul

استقرار نسبي بسعر صرف الدولار في دمشق اليوم مقابل الليرة السورية

شهد سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية في دمشق استقراراً نسبياً خلال تعاملات اليوم.
121
ul

أسعار الذهب في السوق السورية تحافظ على ارتفاع نسبي

في ظل تقلبات سعر الصرف، تواصل أسواق الذهب في سوريا تسجيل مستويات مرتفعة نسبياً في أسعار الغرامات بعيارات مختلفة، مع متابعة دقيقة من قبل المستثمرين والمواطنين كملاذ للادخار.
95
ul

"صوتك وصل".. خطوة رقمية جديدة لتسهيل خدمات وزارة الداخلية السورية

في خطوة تُعدّ متقدمة على صعيد تحديث الإدارة العامة في سوريا، أطلقت وزارة الداخلية السورية تطبيقها الرقمي الجديد “صوتك وصل”
113
سيرياون إعلان 7