سياسي

تركيا تصعّد: اندماج قسد فرديًا أو لا اندماج.. كيف ستنتهي حرب التصريحات؟

15
ul

في تطور جديد على صعيد ملف اندماج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الجيش السوري، أطلق وزير الدفاع التركي يشار غولر تصريحات صارمة أكدت أن تركيا لا تقبل بأي صيغة “اندماج جماعي” أو بصيغة وحدة متماسكة داخل الجيش، بل فقط باندماج الأفراد بشكل فردي، وإلا فإن ما يطلق عليه “اندماج قسد” لن يُعتبر اندماجًا حقيقيًا، بحسب ما نقلته وسائل الإعلام الدولية عن حديثه خلال اجتماع تقييم نهاية العام في أنقرة.

كما شدد غولر على أن تركيا لن تطلب إذنًا من أي طرف لإجراء عملياتها في سوريا، سواء كانت الولايات المتحدة أو روسيا، وأن أنقرة مستعدة لاتخاذ “الإجراءات اللازمة” إذا اقتضت الحاجة ذلك، مثلما فعلت خلال عملياتها العسكرية منذ عام 2016، حتى في وجود قوات دولية على الأرض.

تفسير تركي مشروط

يُعد موقف تركيا الذي أعلنه غولر في تصريحات متكررة مؤخرًا مؤشرًا على تصعيد الخطاب التركي نحو قسد؛ فقد كرر أن تركيا ترى اندماج قسد في الجيش السوري شرطًا أساسيًا لتحقيق الاستقرار والسلام في مناطق شرق الفرات، مشددًا على ضرورة أن يتم ذلك وفق خريطة طريق واضحة وجدول زمني، مع تخلي أعضاء قسد عن الخطاب الانفصالي والهيكل اللامركزي.

وفي ما يتعلق بتفاصيل عملية الاندماج، أوضح غولر أن تركيا لا تعتبر دمج “الكيان قسد كوحدة واحدة” في الجيش السوري اندماجًا حقيقيًا، معتبرًا أن ذلك يكرّس نوعًا من الهيكل المستقل، وهو ما ترفضه أنقرة؛ بل الاندماج يجب أن يكون على مستوى الأفراد فقط، أي انخراط المقاتلين الواحد تلو الآخر داخل صفوف الجيش السوري، وهو ما اعتبره غولر المعنى الحقيقي للاندماج، بينما أي صيغة أخرى “ليست اندماجًا بحق”.

هذا الموقف التركي الحاسم يضع ضغطًا دبلوماسيًا واستراتيجيًا أكبر على قسد، التي ما تزال تفاوض بشأن كيفية تنفيذ اتفاق 10 مارس/آذار 2025، الذي وقعته مع دمشق لاندماج مؤسساتها المدنية والعسكرية في إطار الدولة السورية. حتى الآن، يرى غولر أن عدم تنفيذ الاتفاق عمليا يلزم تركيا بالتصعيد أو اتخاذ قرارات أخرى.

تركيا جاهزة لكل السيناريوهات

بعيدًا عن خطاب الاندماج، أرسل غولر رسائل قوية مفادها أن تركيا لا تتردد في استخدام القوة إذا لم يتم تنفيذ اتفاق الاندماج، وهو ما اعتبرته مصادر سياسية وإعلامية إشارة ضمنية إلى إمكانية تصعيد عسكري جديد.

وقال غولر إن تركيا أعدت خططًا لكل السيناريوهات الممكنة بشأن اندماج قسد، وأنها “تعرف جيدًا ما تحتاجه وأن لديها القدرة على تنفيذ ما فعلته في الماضي” دون الرجوع لأي طرف دولي.

كما أشار إلى أن أنقرة لن تتراجع عن موقفها وأنها مستعدة للتعامل مع أي تطور في الملف، سواء من خلال الضغط الدبلوماسي أو الدعم للدمج الفعلي أو حتى العمل العسكري إذا اقتضى الحال، وهو ما يعكس توجهًا أكثر صرامة في السياسة التركية تجاه دمشق وقسد.

وتأتي هذه التصريحات في وقت يتسارع فيه النقاش حول مستقبل قسد بعد اتفاق مارس 2025، الذي وضع موعدًا نهائيًا مع نهاية العام الجاري لتنفيذ اندماج شامل في مؤسسات الدولة، ولم تسجل حتى الآن خطوات ملموسة على الأرض لتطبيقه، مما يزيد من حدة الخطاب التركي.

ما دلالات الخطاب ومنعكساته


تحمل تصريحات غولر عدة رسائل استراتيجية مفادها تحول في اللهجة التركية تجاه قسد من مجرد شريك تفاوضي إلى كيان يجب تفكيكه ودمجه جزئيًا داخل المؤسسات السورية دون أي استمرارية تنظيمية مستقلة.


زيادة الضغط على اللاعبين الدوليين (الولايات المتحدة وروسيا) بخصوص دورهم في تسريع تطبيق اتفاق الاندماج، وتأكيد أن أنقرة لن تنتظر موافقات أو استشارات من أي طرف، وبالتالي تعزيز دورها الإقليمي في الملف السوري.


ربط عملية الاندماج بمسار أوسع لإعادة الاستقرار في سوريا، مع الإيحاء بأن فشل التنفيذ قد يفتح الباب أمام خيارات أخرى، بما في ذلك الخيارات العسكرية، إذا تمت قراءتها “ضرورية” من وجهة نظر الأمن القومي التركي.

في السياق نفسه، يأتي خطاب غولر في ظل تزايد التوترات الإقليمية حول مستقبل الشمال السوري وتعقيد العلاقة بين دمشق وقسد، ما يجعل أي مسار تفاوضي يواجه تحديات كبيرة، ويتطلب توافقات سياسية واسعة بين الفاعلين المحليين والإقليميين والدوليين.

في الختام، تعكس تصريحات وزير الدفاع التركي يشار غولر مزيجًا من الضغط السياسي والدبلوماسي والاستعداد العسكري في ملف معقد للغاية، وهو اندماج قسد في الجيش السوري، الذي بات نقطة محورية في مستقبل الاستقرار داخل سوريا والمنطقة.


مقالات ذات صلة

ul

جردة حساب العلاقات الثنائية.. اتفاق ١٠ آذار على أجندات الوفد التركي الذي يزور دمشق

دمشق وأنقرة تفتحان ملف “قسد” على مراعيه، إذ لم تكن زيارة الوفد التركي إلى دمشق بروتوكولية عابرة
9
ul

وفد تركي رفيع المستوى في دمشق لبحث تنفيذ اتفاق 10 مارس والملفات الأمنية

في خطوة لافتة تعكس زخمًا سياسيًا متسارعًا، وصل وفد تركي رفيع يضم وزيري الخارجية والدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات إلى العاصمة السورية دمشق
15
ul

لافارج أمام العدالة الفرنسية: حكم قضية "تمويل الإرهاب" بسوريا في أبريل المقبل

بعد أكثر من شهر من الجلسات المكثفة، أسدلت محكمة الجنايات في باريس الستار على محاكمة شركة "لافارج" الفرنسية لصناعة الإسمنت
143
ul

الممتلكات اليهودية في سوريا: تاريخ مرتبط بالتراث ولا مطالبات حديثة بأراضٍ

تتداول بعض وسائل الإعلام مؤخراً ادعاءات حول مطالبات من جهات يهودية باستعادة أراضٍ في منطقة حوران جنوب سوريا
308
ul

عقوبات دولية على القادة العسكريين في سوريا.. من سهيل الحسن إلى محمد الجاسم… هل تتسع الدائرة؟

في خطوة جديدة تعكس إصرار المجتمع الدولي على محاسبة المتورطين في الانتهاكات داخل سوريا
183
سيرياون إعلان 7