خاص-سيريا ون
في ظل واحدة من أشد
الأزمات الاقتصادية تدميراً في تاريخ سوريا، تحولت الحياة اليومية لغالبية السكان إلى
معركة يومية من أجل البقاء، لم يعد فيها تأمين الطعام رفاهية أو خياراً، بل ضرورة قصوى
تفرض ابتكار بدائل غير مسبوقة لسد الجوع.
ومع ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الأساسية، لجأ كثيرون إلى استبدال
الأغذية التقليدية بخيارات أرخص وأدنى جودة.
ففي ريف دمشق، تقول أم محمد، أم لخمسة
أطفال، لـ "سيريا ون" كنا نشتري كيلو لحم أسبوعياً، أما اليوم فلا نراه إلا
في المناسبات. نطبخ العدس والبرغل ونضيف البهارات فقط لنحس أن في طعامنا طعماً"
وانتشرت في الأسواق
منتجات تُعرف بـ"أشباه الألبان"، وهي خلطات مصنّعة من زيوت نباتية ونكهات
صناعية تُباع كأجبان أو ألبان، ورغم المخاوف الصحية، باتت الخيار الوحيد لعديد العائلات
المتعثرة مالياً.
الحشائش البرية و"شوربة
الماء" كمصدر غذاء
وفي مناطق أخرى، دفع
انعدام الأمن الغذائي بعض العائلات إلى الاعتماد على الحشائش البرية أو حتى تحضير ما
يُعرف بـ“شوربة الماء”، إذ يروي أبو خالد من حمص لـ "سيريا ون": "نضطر
أحياناً إلى غلي الماء مع بهارات وتناوله مع خبز يابس، فقط لملء بطوننا"، هذه
الممارسات، التي كانت شائعة في فترات الحروب القديمة، تعود اليوم بقوة إلى المطبخ السوري.
وفي ظل ندرة مصادر
الطاقة وغلاء الغاز المنزلي، لجأت أسر إلى استخدام زيوت القلي المستعملة بعد تصفيتها
مرتين للطهي، بينما اعتمدت أخرى على روث الحيوانات كمصدر للتدفئة، وتقول سعاد من إحدى
ضواحي دمشق بحسرة: "نغلي الزيت ونصفيه ونعيده للاستخدام، لا خيار آخر أمامنا"
وانعكس انهيار القطاع
الصحي وارتفاع أسعار الأدوية على سلوك السكان، فازدهرت محلات العطارة كبديل علاجي شعبي،
ويؤكد أبو حسن، صاحب محل عطارة في حلب لـ"سيريا ون": "الناس لم تعد
تستطيع شراء الدواء، ولجأت إلى الأعشاب حتى لعلاج أمراض مزمنة كالسكري والضغط"
غذاء متاح لكنه بعيد
المنال
رغم توافر المواد الغذائية
نسبياً في الأسواق، فإن القدرة الشرائية المنهارة جعلت معظمها خارج متناول الغالبية.
ووفق تقارير أممية، يعاني أكثر من 13 مليون سوري من انعدام الأمن الغذائي، بينهم
3.1 مليون في حالة جوع حاد.
ولا يغطي الحد الأدنى
للأجور سوى 18% من تكلفة السلة الغذائية الأساسية، ما يدفع عائلات إلى تقليص عدد وجباتها
أو الاعتماد على مساعدات إنسانية تراجعت بنسبة 80% في السنوات الأخيرة.
ففي بلد كان يُشار
إليه ذات يوم بوصفه "سلة غذاء الشرق الأوسط"، يصارع سكانه اليوم الجوع باختراعات قسرية،
وسط غياب حلول اقتصادية جذرية، وتقلص الدعم الدولي، واستمرار الانقسام السياسي الذي
يُعمّق الأزمة بدلاً من إنهائها.
مجتمع
شوربة الماء والحشائش.. اختراعات السوريين لملء البطون وسط مجاعة صامتة
47

مقالات ذات صلة

معاون وزير الداخلية يطلع على واقع المتدربين المعادين للخدمة بطرطوس
اطلع معاون وزير الداخلية للشؤون الأمنية اللواء عبد القادر طحّان، برفقة قائد الأمن الداخلي في المحافظة العقيد عبد العال عبد العال، على واقع المتدربين المعادين إلى الخدمة ومستوى جاهزيتهم وانضباطهم في البرامج التدريبية.
0

مجلة "ذي إيكونوميست" تختار سوريا دولة العام 2025
اختارت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية سوريا دولة العام 2025، ضمن تقليدها السنوي الذي يسلّط الضوء على الدولة التي استطاعت تحقيق أكبر قدر من التحسّن خلال العام.
2

الأردن: إلغاء قانون قيصر يحقق تطلعات الشعب السوري
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأردنية فؤاد المجالي، في بيان اليوم، إنَّ إلغاء قانون قيصر عن سوريا، يحقق تطلعات الشعب السوري ويشكل خطوة مهمة بدعم جهود سوريا في إعادة البناء.
6

بينهم "أبو عمشة".. أبرز المعلومات عن الأفراد المشمولين بالعقوبات البريطانية
فرضت بريطانيا عقوبات على أفراد ومنظمات متورطة في أعمال عنف ضد المدنيين في سوريا.
29

هل يغيّر التصنيف الائتماني السيادي مصير الاقتصاد السوري؟
التصنيف الائتماني السيادي مفتاح ثقة الأسواق الدولية، أصبح التصنيف الائتماني السيادي موضوعًا يتصدّر النقاش الاقتصادي في سوريا
28
