أقرّ المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي، الأحد، مشروعًا لبناء 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، في خطوة تعتبر الأكبر خلال السنوات الثلاث الماضية، وتعيد فتح ملف الاستيطان الذي لطالما كان محط جدل سياسي وإقليمي، مع انعكاسات مباشرة على فرص السلام في الشرق الأوسط.
المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي على وافق على مقترح قدمه وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الدفاع، يسرائيل كاتس، لإنشاء 19 مستوطنة جديدة.
القرار لم يُحدد بعد تاريخ اعتماده الرسمي، إلا أن الإعلان عنه يشير إلى تصاعد وتيرة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفقًا للبيانات الرسمية، يصل بذلك عدد المستوطنات المنظمة التي تم إقرارها خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى 69 مستوطنة، وهو رقم قياسي لم يسجّل سابقًا في الضفة الغربية. ويؤكد ذلك استمرار استراتيجية الحكومة الإسرائيلية في توسيع السيطرة على الأراضي الفلسطينية، رغم الضغوط الدولية المتكررة للحد من الاستيطان.
مواقف المسؤولين الإسرائيليين
تسلئيل سموتريتش اعتبر أن الخطوة تهدف إلى "عرقلة قيام دولة فلسطينية إرهابية"، بحسب تصريحاته على منصة "إكس"، مضيفًا أن المستوطنات تمثل جزءًا من حق اليهود في البناء على أرض أجدادهم.
وأضاف أن القرار يشمل إعادة مستوطنات غاني عكيفا وكدوميم إلى خريطة الاستيطان، إلى جانب مواقع أخرى في مناطق يهودا والسامرة. واعتبر أن تنظيم 69 مستوطنة خلال ثلاث سنوات يشكل إنجازًا قياسيًا، مؤكدًا استمرار الحكومة في مواصلة البناء والتنمية الاستيطانية.
يظهر التصريح مدى ارتباط القرار الإسرائيلي برؤية سياسية تحافظ على استمرار السيطرة على الأرض، وتقلص أي مساحة لإمكانية قيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافيًا، وهو ما يفتح الباب لتأويلات متعددة حول خطط الحكومة القادمة في الملف الفلسطيني.
ردود الفعل الفلسطينية والدولية
ونشرت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، أنَّ الأمريكيون طلبوا من إسرائيل التأني في الإعلان عن المصادقة على بناء المستوطنات الجديدة بالضفة الغربية، لكن "سموتريتش" كشف صباح اليوم الأحد 21 كانون الأول/ ديسمبر عن قرار الكابينت، وأوضحت الصحيفة أنّه خلال السنوات الثلاثة الماضية، تمت المصادقة على إنشاء 69 مستوطنة بالضفة الغربية.
على الجانب الفلسطيني، يُنظر إلى القرار باعتباره تصعيدًا واضحًا ينتهك القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالاستيطان، ويقلص فرص تحقيق تسوية سلمية.
المجتمع الدولي غالبًا ما يرفض توسع المستوطنات الإسرائيلية باعتباره عقبة أمام حل الدولتين، وقد يعزز القرار الأخير الضغوط على إسرائيل، بما في ذلك دعوات للمقاطعة أو إدانات رسمية من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
في المقابل، يرى بعض المراقبين أن الحكومة الإسرائيلية تستخدم ملف الاستيطان داخليًا لتعزيز قاعدة دعمها بين الأحزاب القومية والدينية، في ظل تحديات سياسية واقتصادية داخلية.
الاستيطان بين السياسة والأرض
تحليل الخبراء يشير إلى أن القرار يعكس استراتيجية طويلة المدى لإسرائيل، تقوم على دمج المستوطنات الجديدة في بنية الدولة الإسرائيلية، ما يجعل من الصعب إزالتها في أي اتفاق مستقبلي.
إضافة غاني عكيفا وكدوميم إلى خريطة الاستيطان تشير إلى ترسيخ التواجد في مناطق استراتيجية، خصوصًا تلك القريبة من خطوط المواجهة مع الفلسطينيين، أو ذات قيمة تاريخية ودينية لليهود.
كما أن الرقم القياسي للمستوطنات خلال ثلاث سنوات يعكس تصاعدًا ملموسًا في الاستثمار الاستيطاني والبنية التحتية، ما يعزز التوسع العمراني والسيطرة على الأراضي الزراعية والتجمعات الفلسطينية المجاورة.
انعكاسات محتملة على السلام
يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها تحدٍ مباشر لأي مفاوضات سلام مستقبلية، إذ تقلص الأرض المتاحة لإقامة دولة فلسطينية متصلة، وتزيد من تعقيد الحلول الجغرافية والسياسية.
كما أن استمرار الحكومة في تعزيز الاستيطان ضمن الضفة الغربية المحتلة يرفع مستوى التوتر، ويؤجج الاحتجاجات والمواجهات المحتملة مع الفلسطينيين، خصوصًا في المناطق التي تشهد احتكاكات متكررة.
القرار الإسرائيلي بإقامة 19 مستوطنة جديدة يعكس مزيجًا من السياسة الداخلية والتوسع الاستراتيجي، ويضع المجتمع الدولي أمام اختبار جديد لموقفه تجاه الاستيطان.
مع استمرار الحكومة في توسيع المستوطنات، يبدو أن الضفة الغربية مقبلة على مزيد من التعقيدات السياسية والأرضية، مما يجعل أي حل شامل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي أكثر صعوبة، ويطرح تساؤلات حول مستقبل مبادرات السلام القادمة.






